رائعة شعريه للشاعر إبراهيم علي بديوي
بك أستجير ومـن يجيـر سواكـا
فأجـر ضعيفـا يحتمـي بحماكـا
إني ضعيف أستعيـن علـى قـوى
ذنبـي ومعصيتـي ببعـض قواكـا
أذنبـت ياربـي وآذتنـي ذنــوب
مالـهـا مــن غـافـر إلا كــا
دنيـاي غرتنـي وعفـوك غرنـي
ماحيلتـي فـي هـذه أو ذا كــا
لو أن قلبي شـك لـم يـك مؤمنـا
بكريم عفوك مـا غـوى وعصاكـا
يا مدرك الأبصـار ، والأبصـار لا
تـدري لــه ولكـنـه إدراكــا
أتراك عيـن والعيـون لهـا مـدى
مـا جاوزتـه ، ولا مـدى لمداكـا
إن لم تكـن عينـي تـراك فإننـي
فـي كـل شـيء أستبيـن علاكـا
يامنبـت الأزهـار عاطـرة الشـذا
هذا الشـذا الفـواح نفـح شذاكـا
يامجـري الأنهـار : ماجريانـهـا
إلا انفعـالـة قـطـرة لـنـداكـا
رباه هأنذا خلصـت مـن الهـوى
واستقبـل القلـب الخلـي هواكـا
وتركت أنسـي بالحيـاة ولهوهـا
ولقيت كـل الأنـس فـي نجواكـا
ونسيت حبـي واعنزلـت أحبتـي
ونسيت نفسـي خـوف أن أنساكـا
ذقت الهوا مـراً ولـم أذق الهـوى
يـارب حلـواً قبـل أن أهـواكـا
أنا كنـت ياربـي أسيـر غشـاوة
رانت علـى قلبـي فضـل سناكـا
واليوم ياربـي مسحـت غشاوتـي
وبـدأت بالقلـب البصيـر أراكـا
ياغافـر الذنـب العظيـم وقابـلا
للتـوب: قلـب تـائـب ناجـاكـا
أتـرده وتـرد صــادق توبـتـي
حاشـاك ترفـض تائبـا حاشاكـا
يارب جئتـك نادمـاً أبكـي علـى
مـا قدمتـه يــداي لا أتبـاكـا
أنا لست أخشى مـن لقـاء جهنـم
وعذابـهـا لكنـنـي أخـشـاكـا
أخشى من العرض الرهيب عليك يا
ربـي وأخشـى منـك إذ ألقـاكـا
يارب عـدت إلـى رحابـك تائبـاً
مستسلمـا مستمسـكـاً بعـراكـا
مالـي ومـا للأغنيـاء وأنـت يـا
رب الغـنـي ولا يـحـد غنـاكـا
مالـي ومـا للأقويـاء وأنـت يـا
ربـي ورب الـنـاس ماأقـواكـا
مالي وأبواب الملـوك وأنـت مـن
خلـق الملـوك وقسـم الأمـلاكـا
إني أويت لكل مـأوى فـي الحيـاة
فمـا رأيـت أعـز مـن مـأواكـا
وتلمست نفسي السبيل إلى النجـاة
فلم تجـد منجـى سـوى منجاكـا
وبحثت عن سـر السعـادة جاهـداً
فوجدت هـذا السـر فـي تقواكـا
فليرض عني الناس أو فليسخطـوا
أنا لم أعد أسعـى لغيـر رضاكـا
أدعـوك ياربـي لتغفـر حوبتـي
وتعينـنـي وتمـدنـي بهـداكـا
فاقبل دعائي واستجـب لرجاوتـي
ماخاب يومـا مـن دعـا ورجاكـا
يارب هـذا العصـر ألحـد عندمـا
سخـرت ياربـي لــه دنيـاكـا
علمته مـن علمـك النـوويَّ مـا
علمـتـه فــإذا بــه عـاداكـا
ما كـاد يطلـق للعـلا صاروخـه
حتـى أشـاح بوجهـه وقـلاكـا
واغتر حتى ظـن أن الكـون فـي
يمنـى بنـي الانسـان لا يمناكـأ
و ما درى الانسان أن جميـع مـا
وصلت إليـه يـداه مـن نعماكـا؟
أو ما درى الانسان أنـك لـو أردت
لظلـت الـذرات فــي مخبـاكـا
لو شئت ياربـي هـوى صاروخـه
أولو أردت لمـا أستطـاع حراكـا
يأيهـا الانسـان مهـلا وائتـئـذ
واشكـر لربـك فضـل مـاأولاكـا
واسجـد لمـولاك القديـر فإنـمـا
مستحدثـات العلـم مـن مولاكـا
الله مـازك دون سـائـر خلـقـه
وبنعمـة العقـل البصيـر حباكـا
أفـإن هـداك بعلـمـه لعجيـبـة
تـزور عنـه وينثنـي عطفـاكـا
إن الـنـواة ولكتـرنـات الـتـي
تجـري يراهـا الله حيـن يراكـا
ماكنـت تـقـوى أن تفـتـت ذرة
منهـن لـولا الله الـذي سـواكـا
كل العجائب صنعـة العقـل الـذي
هـو صنعـة الله الـذي سـواكـا
والعقـل ليـس بمـدرك شيئـا اذا
مالله لـم يكتـب لــه الإدراكــا
لله فـي الآفـاق آيــات لـعـل
أقلهـا هـو مـا إلـيـه هـداكـا
ولعل ما فـي النفـس مـن آياتـه
عجب عجـاب لـو تـرى عيناكـا
والكـون مشحـون بـأسـرار إذا
حاولـت تفسيـراً لهـا أعيـاكـا
قل للطبيـب تخطفتـه يـد الـردى
ياشافي الأمـراض : مـن أرداكـا؟
قل للمريض نجا وعوفي بعـد مـا
عجزت فنون الطب : من عافاكـا؟
قل للصحيح يمـوت لا مـن علـة
مـن بالمنايـا ياصحيـح دهاكـا؟
قل للبصيـر وكـان يحـذر حفـرة
فهوى بها مـن ذا الـذي أهواكـا؟
بل سائل الأعمى خطا بين الزَّحـام
بلا اصطدام : مـن يقـود خطاكـا؟
قل للجنيـن يعيـش معـزولا بـلا
راع ومرعـى : مالـذي يرعاكـا؟
قل للوليد بكـى وأجهـش بالبكـاء
لـدى الـولادة : مالـذي أبكاكـا؟
وإذا تـرى الثعبـان ينفـث سمـه
فاسأله : من ذا بالسمـوم حشاكـا؟
وأسأله كيـف تعيـش ياثعبـان أو
تحيـا وهـذا السـم يمـلأ فاكـا؟
وأسأل بطون النحل كيف تقاطـرت
شهداً وقـل للشهـد مـن حلاَّكـا؟
بل سائل اللبن المصفى كـان بيـن
دم وفــرث مـالـذي صفـاكـا؟
وإذا رأيت الحي يخرج مـن حنايـا
ميـت فاسألـه: مــن أحيـاكـا؟
وإذا ترى ابن السودِ أبيضَ ناصعـاً
فاسأله : مِنْ أين البيـاضُ أتاكـا؟
وإذا ترى ابن البيضِ أسودَ فاحمـاً
فاسأله: مـنْ ذا بالسـواد طلاكـا؟
قـل للنبـات يجـف بعـد تعهـد
ورعاية : مـن بالجفـاف رماكـا؟
وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو
وحـده فاسألـه : مـن أربـاكـا؟
وإذا رأيت البـدر يسـري ناشـرا
أنـواره فاسألـه : مـن أسراكـا؟
وأسأل شعاع الشمس يدنو وهي أبعد
كـلّ شـيء مـالـذي أدنـاكـا؟
قل للمرير من الثمـار مـن الـذي
بالمـر مـن دون الثمـار غذاكـا؟
وإذا رأيت النخل مشقـوق النـوى
فاسأله : من يانخـل شـق نواكـا؟
وإذا رأيـت النـار شـب لهيبهـا
فاسأل لهيب النـار: مـن أوراكـا؟
وإذا ترى الجبل الأشم منـا طحـاً
قمم السحاب فسله مـن أرساكـا؟
وإذا رأيت النهـر بالعـذب الـزلال
جرى فسله؟ مـن الـذي أجراكـا؟
وإذا رأيت البحر بالملـح الأجـاج
طغى فسله: مـن الـذي أطغاكـا؟
وإذا رأيـت الليـل يغشـى داجيـا
فاسأله : من ياليـل حـاك دجاكـا؟
وإذا رأيت الصبح يُسفـر ضاحيـاً
فاسأله: من ياصبح صاغ ضحاكـا؟
هذي عجائب طالمـا أخـذت بهـا
عينـاك وانفتحـت بهـا أذنـاكـا!
والله فـي كـل العجائـب مـاثـل
إن لم تكـن لتـراه فهـو يراكـا؟
يا أيهـا الإنسـان مهـلا مالـذي
بالله جــل جـلالـه أغـراكــا؟
حـاذر إذا تغـزو الفضـاء فربمـا
ثـآر الفضـاء لنفسـه فغـزاكـا؟
اغز الفضـاء ولا تكـن مستعمـراً
أو مستـغـلا باغـيـا سـفـاكـا
إيـاك ان ترقـى بالاستعمـار فـي
حـرم السمـوات الـعـلا إيـاكـا
إن السموات العـلا حـرم طهـور
يـحـرق المستعـمـر الأفـاكـا
اغز الفضاء ودع كواكبـه سوابـح
إن فــي تعوبقـهـن هـلاكــا!
إن الكواكب سـوف يفسـد أمرهـا
وتسـيء عقباهـا إلـى عقبـاكـا
ولسوف تعلم أن فـي هـذا قيـام
الساعـة الكبـرى هنـا وهنـاكـا
أنا لا أثبط مـن جهـود العلـم أو
أنا في طريقـك أغـرس الأشواكـا
لكننـي لـك ناصـح فالعـلـم إن
أخطـأت فـي تسخيـره أفنـاكـا
سخر نشاط العلم في حقل الرخـاء
يصغ من الذهـب النضـار ثراكـا
سخره يمـلأ بالسـلام وبالتعـاون
عالـمـاً متـنـاحـراً سـفـاكـا
وادفع به شـر الحيـاة وسوءهـا
وامسـح بنعمـى نـوره بؤساكـا
العلـم إحيـاء وإنشـاء ولـيـس
العـلـم تدمـيـراً ولا إهـلاكــا
فـإذا أردت العلـم منحرفـاً فمـا
أشقى الحيـاة بـه ومـا أشقاكـا [center]